Friday, December 23, 2016

مراجعة فاحصة لسيارة مرسيدس GLS500 .. مقاعد سبعة دون التضحية بالمتعة

يصعب على شخص عاشق أو بالأحرى مهووس بالسيارات مثلي أن يقنع بسيارة واحدة فقط طوال الوقت، فالسيارات فئات وأصناف وأشكال، يطيب لنفسي تجربتها كلها لو أتيح لي المجال. ولكن لو فرضنا على سبيل المثال بأني مجبر على اقتناء سيارة واحدة فقط، فإني لن أفكر كثيراً في اتخاذ قراري، وعلى الفئة S من مرسيدس سيقع اختياري.
كان لا بد من هذه المقدمة قبل أن أكتب لكم عن تجربة قيادتي لسيارة مرسيدس GLS500 لأنها ببساطة أشبه ما تكون بسيارة “إس كلاس” رباعية الدفع سباعية المقاعد.. ليس تماماً ولكن إلى حد كبير. وربما هذا ما جعلني أستمتع بقيادتها لدرجة قاربت متعة قيادة ما أظنه أفضل سيارة أنتجتها الشركة الألمانية ذات النجمة الشهيرة في تاريخها، ألا وهي الفئة S التي كشفت لكم للتو بأني أفضّلها على سواها، كيلا تلومونني إذا قرأتم بين السطور ما قد يشي عن هواها.

نبذة سريعة

ظهر الجيل الأول من هذه المركبة عام 2006 تحت اسم مرسيدس GL، واستمر حتى عام 2011. ثم أنتجت مرسيدس بنز الجيل الثاني بين عامي 2012 و2015. وبعد ذلك قررت الشركة اتباع سياسة جديدة في تسمية فئات سياراتها لتبسيط الأمور وربط مركبات الدفع الرباعي الرياضية SUV بسياراتها الأخرى.
وفي المحصلة نالت هذه السيارة اسم GLS بدءاً من طراز عام 2016، ولكنها حظيت في الوقت نفسه بمجموعة تحديثات مميزة شملت تصميماً جديداً للشبك الأمامي والأضواء الأمامية وغطاء المحرك، وإطارات جديدة بقياسات تتراوح بين 18 و22 إنشاً. أما من الخلف فأصبحت تزدان بأضواءLED جديدة بالكامل مع مصدّ خلفي مميز.

سر الأداء تحت الغطاء

وتحت غطاء المحرك تقبع 8 أسطوانات بسعة إجمالية تصل إلى 4.7 لتر مع شاحن توربيني مزدوج Twin Turbo توفر عزماً كبيراً يبلغ 700 نيوتن متر، وقوة تصل إلى 455 حصاناً. والأهم أن العزم الكامل للسيارة يتحقق عند سرعة دوران 1800 دورة بالدقيقة فقط، الأمر الذي يوفر استجابة عالية للسيارة في شتى ظروف القيادة، وعلى مختلف أنواع الطرقات.
واللافت في GLS أنها تأتي بناقل غيار مؤلف من 9 سرعات، يعتبر الأول من نوعه على مستوى العالم. ولاحظتُ أثناء التجربة إسهامه الملحوظ في سلاسة الأداء والاستجابة العالية وتوفير الوقود، إضافة إلى تخفيف مستوى الضجيج وتعزيز الراحة داخل المقصورة على الطرقات السريعة.
وتتميز GLS500 كذلك بتسارع لافت قياساً بفئتها وحجمها ووزنها، إذ لا تحتاج أكثر من 5.4 ثانية للوصول إلى سرعة 100 كلم/س، فيما حُددت سرعتها القصوى عند 250 كلم/س.
ومع أنها مزودة بنظام شحن توربيني مزدوج Twin Turbo فإني لم ألحظ بطء استجابة مزعج Turbo Lag عند التسارع من الثبات، وهذا أيضاً يُحسب لمهندسي مرسيدس وميكانيكيها.
وكالعادة في سيارات مرسيدس عموماً، تتميز GLS بمكابح عالية الأداء تتناسب مع قوة المحرك اللافتة وعزمه الكبير. وأظهر نظام الفرملة المتطور كفاءة كبيرة في كبح جماح السيارة عند الضرورة، حتى عند السرعات العالية التي تزيد على 200 كلم/س.
ورغم وزنها الكبير الذي يقارب الطنين ونصف الطن، فإن قيادة السيارة سلسة جداً، وتوفر مستويات ثبات ومرونة ومناورة تنسى معها بأنك تقود مركبة دفع رباعي سباعية المقاعد.

دقة هندسية ألمانية بامتياز

ومن الميزات الأخرى في السيارة أنها مزودة بنظام تعليق هوائي AIRMATIC  يتيح رفع جسم السيارة عن الأرض بأكثر من 300 ملم، ليصل ارتفاعها الأقصى إلى 600 ملم، فيما لا تستغرق العميلة سوى 54 ثانية.
ويتوفر نظام التعليق الهوائي ضمن التجهيزات القياسية للسيارة، إلى جانب نظام ADS PLUS  التفاعلي لامتصاص الصدمات، مما يوفر مستويات عالية من الراحة والديناميكية. ويتكيف نظام امتصاص الصدمات باستمرار مع ظروف القيادة لكل عجلة على حدة، كما يلعب دوراً مهماً في الحد من التأرجح عند الانعطافات الشديدة، أو عند الضغط العنيف والمفاجئ على المكابح.
ويمكن الاختيار بين وضعية القيادة المريحة والرياضية، وعند اختيار وضعية القيادة الرياضية Sport ينخفض ارتفاع السيارة عن الأرض لتخفيف مقاومة الرياح وتعزيز مستوى الثبات على الطرقات. أما وضعية القيادة في الطرقات الوعرة، فيعمل على زيادة ارتفاع السيارة عن الأرض.
وحالها حال باقي سيارات الدفع الرباعي من مرسيدس، تعمل GLS بنظام الدفع الرباعي 4-Matic الخاص بالشركة الألمانية. ورغم أنه قد لا يكون الأفضل على مستوى العالم، فإنه يؤدي دوره بكفاءة ضمن المنظومة الميكانيكية الهندسية المتكاملة للسيارة، ويعمل على توزيع عزم الدوران بإتقان لتحقيق الأداء الأمثل مع اختلاف ظروف القيادة وتغير أحوال الطرقات.
وتتمثل مهمة نظام 4MATIC في توزيع العزم بين المحورين الأمامي والخلفي عبر علبة تحويل وسطية تمنح المحور الخلفي 60٪ من العزم، وتترك 40% للمحور الأمامي، محافظاً في ذلك على طابع الدفع الخلفي المميز.
أما أداؤها على الطرقات الوعرة والرملية (الصحراوية) فيمكن القول إنه أكثر من كافٍ بالنسبة إلى سيارة بهذه المواصفات، وبمثل هذا الأداء اللافت على الطرقات المعبدة. وبفضل عزمها البالغ وقوتها الكبيرة تستطيع هذه السيارة أن تقطر خلفها وتجر ما يصل إلى 3,500 كلغ.

تجربة القيادة

يمثل جبل جيس في رأس الخيمة إحدى وجهاتي المفضلة لتجربة قيادة السيارات في الإمارات، فالطريق صعوداً ونزولاً يمثل اختباراً شاملاً لإمكانات السيارة عموماً.
تجمع GLS500 بطريقة مدروسة ما بين ميزات سيارات الدفع الرباعي الرياضية متعددة الاستخدامات SUV وتلك الخاصة بسيارات السيدان الفخمة من ناحية الراحة والثبات والقدرة على المناورة. وكان أداء السيارة لافتاً جداً في التعامل مع المنعطفات صعوداً ونزولاً لدرجة نسيت معها بأني أقود سيارة كبيرة الحجم وثقيلة الوزن وعالية الارتفاع، فالتحكم الإيجابي العالي بجسم السيارة يخفف الاهتزاز والتمايل عند المنعطفات الحادة Body Roll إلى مستويات لا تكاد تذكر.
ولعل أكثر ما أثار عجبي ونال إعجابي كيف أن الطريق الطويل المتعرج إلى قمة الجبل بدا وكأنه طريق سريع مستقيم، والفضل في ذلك يعود إلى الهندسة المتقنة وتكامل المواصفات وتناغمها مع بعضها البعض، وتحديداً عزم المحرك الهائل الذي تجده حاضراً في حده الأقصى بمجرد أن تضع قدمك على دواسة البنزين.
والشيء الآخر الذي يستحق الثناء هو علبة التروس الأوتوماتيكية ذات التسع سرعات، ليس فقط لأنها الأولى من نوعها على مستوى العالم التي تزيد على 8 سرعات، ولكن بفضل أدائها وفعاليتها العاليتين، وتناغمها الكبير مع المحرك ونظام الدفع بالعجلات الأربع. ويعمل ذلك كله على خفض معدلات الضجيج داخل المقصورة وتخفيض معدل استهلاك الوقود، ذلك أن المحرك لا يضطر إلى الدوران بسرعات عالية في معظم ظروف القيادة، فعند سرعة 140 كلم بالساعة لا تزيد دورات المحرك على ألفي دورة فقط.
وهذا ما يجعلني أردد دوماً أمام أصدقائي مقولة إن تقييم السيارات لا ينبغي أن يقتصر فقط على المواصفات والأرقام، وإنما يجب أن يستند إلى المحصلة النهائية والأداء العام.

مقصورة داخلية فخمة

نالت المقصورة الداخلية نصيبا وافراً من التحديثات في طراز 2017 من GLS500، شملت لوحة العدادات وشاشة العرض والمقاعد، إضافة إلى مساحات التخزين. وما إن دخلت المقصورة الداخلية حتى شعرت بالفخامة تحيط بي من كل جانب، بدءا من عجلة القيادة مروراً بالكونسول الوسطي وانتهاءً بالمقاعد ومميزاتها.
قدت السيارة في رحلة استغرقت ساعتين ونصف الساعة دون توقف، ومع ذلك لم أشعر بأدنى تعب ولم تساورني أي حاجة لنيل قسط من الراحة على الطريق، خصوصاً وأن مقعد السائق مجهز بنظام مساج للظهر متعدد الأنماط، مع خاصية تدفئة المقعد أو تبريده.
يغلب طابع الفخامة على كافة التفاصيل الداخلية للمقصورة، إذ تأتي المقاعد الأمامية مزودة بخاصية التدفئة والتبريد، فيما لا تتوفر في مقاعد الصف الثاني سوى خاصية التدفئة، وثمة مساحة ممتازة للرأس والأقدام حتى في الصف الثالث للسيارة، مع إمكانية طي صفي المقاعد الثاني والثالث أوتوماتيكياً بكبسة زر.
هذا بالإضافة إلى نظام صوتي ونظام ملاحة ممتازين، وشاشة عرض رقمية يمكن من خلالها التحكم بالكثير من إعدادات السيارة الخارجية والداخلية. ورغم التحسينات التي طالت شاشة العرض الوسطية قياساً بالطراز السابق، فإنها ما زالت لا ترقَ بعد إلى باقي مميزات السيارة. وأظن بأن مرسيدس بحاجة في الإصدار القادم إلى تعديله بحيث تصبح الشاشة أكبر حجماً، وأعلى وضوحاً، مع حواف أقل سمكًا بكثير مما هي عليه الآن.
أما مساحة التخزين فتعتبر أكثر من كافية، وخصوصاً لدى طيّ الصف الثالث من المقاعد الذي يرفع إجمالي مساحة التخزين الداخلية إلى 2300 لتر.

السلامة والأمان

وعندما تتعلق المسألة بمواصفات الأمان فحدث ولا حرج، إذ تزخر هذه السيارة بحزمة غنية من مواصفات السلامة والأمان العالية تجعلها تضاهي سيارات فولفو الرائدة في هذا الميدان، ومن بين هذه المواصفات  نذكر على سبيل المثال:
• نظام النقطة العمياء.
• نظام التنبيه عند الخروج من المسار.
• نظام إرجاع السيارة إلى المسار عند الخروج منه دون تدخل السائق.
• نظام الكاميرات الشامل ( 360 درجة).
• نظام التحذير من التصادم الأمامي والتوقف عند استشعار حدوث تصادم أمامي محتمل.
• مثبت السرعة المتكيف.
• وسائد هوائية داخلية في الأمام والخلف وعلى الجوانب.
• حساسات أمامية وخلفية.

مع من تتنافس مرسيدس GLS500

يمكن القول إن قائمة منافسات GLS500 تضم أودي Q7 ورينج روفر وبي إم دبليو X5. وربما يضيف البعض إليها كاديلاك إسكيليد ولينكن نافيجيتر وإنفينيتي QX56 ولكزس LX570. وفي رأيي الشخصي أرى بأن رينج روفر – ورغم غياب صف المقاعد الثالث فيها – تعدّ المنافس الحقيقي لهذه السيارة، فهي لا تزال الأعلى كعباً في هذه الفئة وربما الأكثر شعبية بالنسبة إلى كثيرين. وأتوقع بأن تشكل النسخة الجديدة بالكامل من GLS500 مصدر قلق أكبر لرينج روفر التي لا تزال تتربع حتى الآن على رأس هرم هذه الفئة في رأي الغالبية.
خلاصة القول: إذا نجحت مرسيدس بنز في تقديم نسخة جديدة بالكامل من GLS ترتقي في مواصفاتها وأدائها إلى مستوى الطراز “إس كلاس” الحالي في فئته، فإنها بلا شك ستصعد بها إلى قمة هذه الفئة من السيارات بالكفاءة ذاتها التي صعدت بي السيارة فيها إلى أعلى قمة جبل جيس خلال تجربتي لها.

بطاقة تعريف

الطراز: مرسيدس GLS500
المحرك: ثماني الأسطوانات سعة 4.6 لتر
القوة: 455 حصاناً
العزم: 700 نيوتن متر
علبة التروس: 9 سرعات
سعة خزان الوقود: 100 لتر
سعر السيارة: 417 ألف درهم إماراتي لدى شركة الإمارات للسيارات في أبوظبي (السعر قد يتفاوت حسب البلد والوكيل)


المصدر: عصري نت ، بقلم: ثائر صبحي
Disqus Comments