ونقابات وشخصيات وطنية وسياسية، دعت جميعها إلى التحقيق على أعلى مستوى في خلفية الخطأ، ورجحت احتمال تعمده من طرف الوزيرة على القطاع والمتهمة بـ”معاداتها لكل ما يمثل هوية الجزائريين”، فيما تناوله المواطنون على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفوه بـ”الكارثي”. ورغم اعتراف المسؤولين في الوزارة ودار النشر بفداحة الخطأ
وبأنه “فضيحة بكل المعايير”، إلا أنهم نفوا قطعا سيناريو محاولة المساس بواحدة من بين مقدسات الجزائر شعبا ووطنا.
استمرار سلسلة فضائح الكتب الدراسية
“اعتراف” كتاب جغرافيا بدولة إسرائيل يحدث زوبعة غضب!
اصطدم، خلال بداية السنة الدراسية، تلاميذ السنة الأولى متوسط وأولياؤهم والأساتذة بخطأ ورد في الصفحة65 من كتاب مادة الجغرافيا، والذي فيه خريطة تعترف بإسرائيل كدولة، وهو ما يناقض موقف الجزائر الرسمي وما يعتبر قضية مقدسة بالنسبة للجزائريين، ما يعني أن مسلسل الفضائح في قطاع التربية مستمر، بعد سلسلة من الأخطاء البيداغوجية والعلمية التي اركبها القطاع في مراحل سابقة.
5 أشهر هي المدة الزمنية التي استغرقها إنجاز كتب الجيل الثاني: السنتان الأولى والثانية من التعليم الابتدائي، والسنة الأولى من التعليم المتوسط، أي 16 ألف نسخة تم طبعها وتوزيعها في ظرف قياسي، وفي ظروف “غير عادية” نظرا للصراع الذي دار من جهة بين الناشرين وبين الوزارة حول أحقية الفوز بـ”طورطة” الصفقة، ومن جهة ثانية الصراع بين وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريت، وبين أحزاب سياسية وشخصيات وطنية اتهمتها باعتماد إصلاحات “تغريبية” لا تمثل هوية الجزائريين، والتحضير لإطلاق كتب جيل ثان “في مخابر مغلقة”.
ولقد بدأت أول آثار تلك المرحلة تظهر للعيان، حيث اكتشف خطأ الاعتراف بالكيان الصهيوني كدولة، ما أثار حفيظة جميع الجزائريين الذين استغربوا أن “تجرؤ” الوزارة على المساس بالقضية التي يعتبرونها واحدة من بين مقدساتهم، وأعلنوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي “ضرورة التحقيق من طرف أعلى هرم في الدولة” مع المتسببين في الخطأ، مرجحين “سيناريو” الفعل العمد.
وبالعودة إلى فضائح الكتب في الجزائر، فإنها متعددة، حيث لم تمر سنة دراسية في الجزائر المستقلة بكتب دراسية منقحة وصحيحة ومصححة، وإلى غاية السنة الدراسية 2015-2016 بالنسبة للسنتين الأولى والثانية ابتدائي والأولى متوسط، والسنة الدراسية الجارية 2016-2017 بالنسبة لباقي الأطوار، فإن التلاميذ لا يزالون يستعملون كتبا مليئة بالأخطاء. حيث يذكر كتاب التاريخ للسنة الرابعة من التعليم الابتدائي في الصفحة 12 والذي يذكر أن عدد سكان الجزائر لم يتجاوز 33 مليون نسمة، رغم أن آخر إحصاء يشير إلى أن عدد سكان الجزائر بلغ 40 مليون نسمة، ونفس الشيء بالنسبة لاقتصاديات الدول الأخرى، فإن المعلومات لم تحين منذ سنوات، ومن المفارقات الواردة في الكتب القديمة والتي لا تزال معتمدة دون تنقيحها، هو تدريس مواد دستور سنة 1996، في كتاب التربية المدنية للسنة الرابعة متوسط، والتي لم يتم تحيينها مع التعديلات الخاصة في الدستور سنة 2008.
وعليه، فإن التلاميذ وأولياءهم يحلمون بكتب دراسية من دون أخطاء منذ سنوات، وجاءت كتب مناهج الجيل الثاني لتكرس استمرار الأخطاء، وتحول التلاميذ إلى فئران تجارب، حيث سيضطرون إلى استعمالها في الدراسة إلى غاية تصحيح الأخطاء الواردة فيها، إضافة إلى إدخال تحسينات عليها.